فصل: مطلب وجوب الإيمان بالإسراء والمعراج وكفر من أنكر الأول وتفسيق من أنكر الثاني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والتبيع: المنتصر الثائر.
{يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ}: بنيّهم، أو بدينهم وكتابهم، أو بأعمالهم، أو بقادتهم ورؤسائهم.
{وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى}: أي: عن الطاعة والهدى، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى: عن طريق الجنة. أو من عمي عن هذه العبر المذكورة فهو عمّا غاب عنه من أمر الآخرة أعمى.
{وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ}: همّوا صرفك. في وفد ثقيف حين أرادوا الإسلام على أن يمتّعوا باللّات سنة ويكسر باقي أصنامهم.
{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ}: هممت من غير عزم، وهو حديث النفس المرفوع.
{ضِعْفَ الْحَياةِ}: ضعف عذاب الحياة، أي: مثليه، لعظم ذنبك على شرف منزلتك. أو الضعف هو العذاب، لتضاعف الألم كما هو عذاب لاستمراره في الأوقات، كالعذاب الذي يستمر في الحلق، ولما نزلت هذه الآية قال عليه السّلام: «اللّهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
{وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ}، حين قالت اليهود: إن أرض الشّام أرض الأنبياء وفيها الحشر والنشر.
{والاستفزاز}: الاستخفاف بالإزعاج.
{لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}: لزوالها، والآية جمعت الصلوات الخمس، لأنّه بدأ من الزوال إلى الغسق وإلى قُرْآنَ الْفَجْرِ وهو صلاته، سمّيت الصلاة قرآنا لتأكيد القراءة فيها، ونصب قُرْآنَ على الإغراء.
كانَ مَشْهُودًا: يشهده ملائكة الليل وملائكة النّهار.
{نافِلَةً لَكَ}: خاصة.
{مَقامًا مَحْمُودًا}: الشفاعة، وقيل: إعطاؤه لواء الحمد.
{مُدْخَلَ صِدْقٍ}: أي: أدخلني فيما أمرتني به وأخرجني عما نهيتني عنه.
{وَزَهَقَ الْباطِلُ}: ذهب.
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ}: وذلك أنّه البيان الذي يزيل عمى الجهل وحيرة الشكّ، وأنّه برهان معجز يدلّ على صدق الرسول، وأنه يتبرّك به فيدفع به المضارّ والمكاره، وأنّ تلاوته الصلاح الداعي إلى كل صلاح.
وأورده القرطبي في تفسيره: 10/ 311، وقال: وهذا القول لا تنافر بينه وبين الأول، فإنه يكون بيده لواء الحمد ويشفع.
{وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسارًا}: لكفرهم به وحرمان أنفسهم المنافع التي فيه.
{وَنَأى بِجانِبِهِ}: بعّد بنفسه عن القيام بحقوق النّعم، كقوله:
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ.
{كانَ يَؤُسًا}: لا يثق بفضل اللّه.
{شاكِلَتِهِ}: عادته أو طريقته التي تشاكل أخلاقه.
طريق ذو شواكل: متشعب منه الطرق.
{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}: من خلق ربّي، لأنهم سألوه عنه:
أقديم؟، وإن كان معناه: من علم ربّي، فإنما لم يجبهم عنه لأن طريق معرفته العقل لا السّمع، فلا يجري القول فيه على سمت النّبوّة كما هو في كتب الفلاسفة، ولئلا يصير الجواب طريقا إلى سؤالهم عما لا يعنيهم، وليراجعوا عقولهم في معرفة مثله لما فيه من الرياضة على استخراج الفائدة.
وقيل في حد الروح: إنه جسم رقيق هوائيّ على بنية حيوانية في كل.
{وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ}: أي: لمحوناه من القلوب والكتب.
ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ: من تتوكّل عليه في ردّ شيء منه.
{إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}: أي: لكن رحم اللّه فأثبته في قلبك وقلوب المؤمنين.
وينبوع يفعول من ينبع بالماء، أي: يفور.
{كِسَفًا}: قطعا، كسفت الثوب أكسفه وذلك المقطوع كسف.
قَبِيلًا: معاينة نعاينهم، أو جميعا من قبائل العرب، وقبائل الرأس: شؤونه لاجتماع/ بعضها إلى بعض.
{وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا}: أي: عمّا يسرّهم.
بكما: عن التكلّم بما ينفعهم.
{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ}: العصا، واليد، واللسان، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدّم.
{مَثْبُورًا}: مهلكا. قال المأمون لرجل: يا مثبور، ثم حدّث عن الرّشيد، عن المهدي، عن المنصور، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنه أنّ المثبور ناقص العقل.
{لَفِيفًا}: جميعا من جهات مختلفة.
{مُكْثٍ}: تثبّت وتوقّف ليقفوا على مودعه فيعملوا به.
{يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ}: إذا ابتدأ المبتدئ يخرّ فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذقن.
{أَيًّا ما تَدْعُوا} أي: أيّ أسمائه تدعو، و(ما) أيضا بمعنى (أيّ) كررت مع اختلاف اللّفظ للتوكيد، كقولك: ما إن رأيت كالليلة ليلة.
{وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}: أي: عما لا يجوز في صفته، أو صفه بأنّه أكبر من كلّ شيء. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الإسراء:
عدد 50- 17
نزلت في مكة بعد سورة القصص، عدا الآيات 26 و32 و33 ومن 74 إلى 80 فإنهنّ نزلن بالمدينة، وهي مئة وإحدى عشرة آية وخمسمائة وثلاث وثلاثون كلمة، وثلاثة آلاف وأربعمائة وستون حرفا، ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ومشتقاته ذكرناها أول سبّح اسم ربك المارة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى: {سُبْحانَ} ابتدأت هذه السورة بهذا اللفظ وهو علم على التسبيح تقول سبحت تسبيحا، فالتسبيح مصدر وسبحان علم عليه، ولذلك تسمى سورة سبحان كما تسمى سوره بني إسرائيل والإسراء، ومعناه تنزيه اللّه تعالى عن كل ما هو من شأن البشر وأحواله، ومعناه لغة التباعد، وعليه يكون المعنى بعد اللّه ونزاهته القصوى عن كل ما لا ينبغي، لأنه تعالت عظمته ليس كمثله شيء {الَّذِي أَسْرى} وسرى بمعنى واحد، يقال أسرى به وسرى به، ولا يقال صرى وأسرى إلا إذا كان المسير ليلا {بِعَبْدِهِ} محمد صلّى اللّه عليه وسلم، وأضافه لنفسه اضافة تشريف وتبجيل وتعظيم، لأنه صلّى اللّه عليه وسلم بلغ في هذا الإسراء أعلى الدرجات، ودنا من أرفع المراتب، وعلى ما لم يعلو عليه أحد روي أنه أوحي اليه بم شرفتك يا محمد، قال بنسبتي إليك يا رب بالعبودية، فأنزل اللّه هذه الآية العظيمة {لَيْلًا} والفائدة من ذكر كلمة ليلا مع أنه يغني عنه لفظ أسرى فضلا عن معلوميّته بمقتضى اللفظ، هو تقليل مدة الإسراء الذي يدل عليه تنكير كلمة ليلا مع عظم ما وقع فيها من المعجزات الآتية الذكر وغيرها، وإنما خص الليل لمزيد الاحتفال به صلّى اللّه عليه وسلم لأنه وقت الخلوة والاختصاص ومجالة الملوك، ولا يكاد يدعو الملك لحضرته ليلا إلا من هو جليل عنده، وهو أصل النهار والاهتداء به للقصد أبلغ، ولأن المسافر قد يقطع بالليل مالا يقطعه بالنهار ولهذا قال صلّى اللّه عليه وسلم عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل مالا تطوى بالنهار: وجاء في المثل: عند الصباح يحمد القوم السري وقد أسرى به ذهابا وإيابا ببعض الليل مسافة شهرين في الأرض {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} مكة المكرمة {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} البيت المقدس، وسمي أقصى إذ لم يكن إذ ذاك وراءه مسجد، أما الآن والحمد للّه فصار وراءه وبينهما مساجد كثيرة، وأمامه ويمينه وشماله إلى أقصى الجهات المعمورة، وفي أعظم البلاد الأجنبية التي تبعد عن مكة أشهرا، فلم تبق قارة إلا وفيها مساجد للمسلمين {الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ} من جميع أطرافه بركة دينية معنوية، وهي جعله مهبط الوحي وكفات الأنبياء ومقرهم وقبلتهم وبركة دنيوية حسية بالأنهار والأشجار، وهو القبلة الأولى واليه محشر الخلائق، وقد أسرينا بمحمد هذا الإسراء البديع وشرفناه بهذا التشريف الذي لم يكن لأحد من قبله {لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا} البديعة وعجائب قدرتنا المنيعة، ونشرفه بمقامنا العظيم، ونسرّه بكلامنا الجليل، ونمتّعه بأشياء كثيرة، ونتجلى عليه بذاتنا الكريمة، واعلم أن لفظ كريم أفضل من غيره من الصفات الممدوحة التي يوصف بها، إذ اختاره لذاته المقدسة دون غيره، وهو أعلم بما يوصف به نفسه وما هو أليق بذاته المقدسة، ولذلك وصفه بها، قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} الآية 3 من سورة العلق، وقال تعالى: {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} الآية 6 من سورة الانفطار، ولا تجد وصفا في القرآن للقرآن أو الملائكة أو للجنان أو لمطلق كتاب أو للثواب أو للرسل أو للعرش إلا بلفظ كريم، ولم يصفه الأنبياء إلا بهذا الوصف، مثل قولهم {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} الآية 40 من سورة النمل المارة، وقال {ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} كررها مرتين في سورة الرحمن ج 3.
وأعلم أنه لا يقال إن إبراهيم أفضل من محمد عليهما الصلاة والسلام لقوله تعالى في حقّه: {وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} الآية 75 من سورة الأنعام في ج 2، لأن هذا الملكوت الذي رآه إبراهيم من بعض الآيات التي أراها اللّه إلى محمد وآيات اللّه لا تحصى، وأفضاله لا تستقصى، وإن سيدنا محمدا هو أفضل الأنبياء والرسل والملائكة على الإطلاق، وقد أجمعت الأمة على تفضيله وعليه قولهم:
وأفضل الخلق على الإطلاق ** نبينا فمل عن الشقاق

ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا الزمخشري إذ يقول إن جبريل أفضل منه، وهذا من جملة خلافياته وانشقاقه على أهل السنة والجماعة التي رجع عنها أخيرا كما يفهم من قوله:
يا من يرى مدّ البعوض جناحها ** في ظلمة الليل البهيم الأليل

ويرى مناط عروقها في لحمها ** وإلخ في تلك العظام النحل

اغفر لعبد تاب من فرطاته ** ما كان منه في الزمان الأول

وما قاله بعض المغالين في حقه بأنه أراد بتوبته هذه عن الزمن الذي كان فيه قبل الاعتزال بعيد عن الحقيقة، ولفظ قوله هذا ومغزاه ينفيه، عفا اللّه عن الاثنين، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لكل شيء يسمع أقوال عبده عند تشرفه به، ويجيب دعاءه حينما يدعوه، وهو أكرم من أن يرد أحدا فضلا عن الأنبياء الكرام {الْبَصِيرُ} بشأنه المسدد لأفعاله وأعماله وأقواله ورموزه وإشاراته، قال تعالى: في هذه الآية أسرى وباركنا على طريق الغيبة ثم قال إنه هو على طريق التكلم التفاتا، وهذا من أبواب المعاني والبديع بالكلام، ومن طرق البلاغة والفصاحة، وفي كلمة سبحان المصدرة بها هذه الآية معنى التعجب، لأن عروج الشيء الكثيف إلى العلو وخرقه له مما يتعجب منه، وقدمنا البحث في جواز الخرق والالتئام على سبيل خرق العادة في الآيتين 38/ 40 من سورة يس وفي الآيتين 18/ 42 من سورة والنجم المارتين، وسنأتي على بيانه بعد بصورة أوضح وأكمل إن شاء اللّه.

.مطلب وجوب الإيمان بالإسراء والمعراج وكفر من أنكر الأول وتفسيق من أنكر الثاني:

هذا وإن التعجب بعروجه لقصد الحق لأمر عظيم بين المحب والمحبوب أعجب من نزوله لقصد الخلق بينه وبين أمته، وهذا كالفرق بين ولاية النبي ورسالته فإن الأولى بينه وبين مولاه والثانية بينه وبين الناس، وإنما قال تعالى: {بعبده} ولم يقل بنبيه أو رسوله لئلا يتوهم فيه ما توهمه الناس في عيسى عليه السلام من أنه انسلخ من الأكوان وعرج بجسمه إلى الملأ الأعلى مناقضا للعادات البشرية وأطوارها، ولأن العبودية أفضل من النبوة لأنها انصراف من الخلق إلى الخالق، والنبوة انصراف من الخالق إلى الخلق، وشتان ما بينهما، ولأن كلمة عبد عبارة عن الروح والجسد، والبراق الذي ركب عليه في الإسراء من جنس الحيوانات يحمل الأجساد لا كما يقوله الغير من أنه عبارة عن البرق المعلوم الحاصل من احتكاك السحب بعضها ببعض، وهو الذي أقل حضرة الرسول من مكة إلى القدس بسرعته وأعاده لموضعه، وهذا أبلغ في القدرة لو كان لهذا القول أصل من نقل صحيح أو خبر قاطع وليس فليس، أو لو كان العروج بالروح فقط كما يزعمه البعض أو حال النوم كما يقوله الغير أو حال الفناء كما توهمه الآخر أو حال الانسلاخ كما يظنه بعض المتصوفة والحكماء، لأمكن ذلك، على أن الذهاب بالروح يقظة ليس كالانسلاخ الذي ذهب هذا الأخيران إليه، فإنه وإن كان خارقا للعادة إلا ان العرب لا تعرفه، فليس محلا للتعجب، ولم يقل به أحد من السلف كما فندناه في سورة يس المارة، وعلى تلك الأقوال الواهية لا حاجه لذكر البراق، لأن ما ذكر فيها لا يحتاج إلى الحمل، ولا محل لأن يستبعده المستبعدون أو ينكره الجاحدون استكبارا على اللّه القادر الفعال لما يريد، لأن أهل الهيئة من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك، وكثير من الناس من يرى اللّه في المنام، ويوجد جماعة من أهل المعرفة يتوصلون إلى الانسلاخ فلا فضل فيه حينئذ ولا فخر، ولا حاجة للإنكار والجدال وإنما القول الحق هو أنه صلّى اللّه عليه وسلم أسرى بروحه وجسده يقظة من مكة إلى بيت المقدس، ومن شك في هذا أو أنكره فهو كافر والعياذ باللّه لإنكاره القرآن صراحة، هذا هو القول الفصل في الإسراء، أما المعراج فهو قول ثابت كما سنورد عليك من الشواهد القوية والحجج الساطعة والدلائل القاطعة ما نقنع بثبوته ووقوعه، ومن أنكره فقد خرق الإجماع، ومن انشق على اجماع أهل السنّة والجماعة فإنه يفسق شرعا ولا تقبل شهادته ويوشك ان يدخله اللّه تعالى في معنى الآية 114 من سورة النساء من ج 2، لأن مخالفة العلماء مخالفة للرسول ومخالفة الرسول مخالفة للّه، هذا وقد اجمع المفسرون على أن المراد بعبده في هذه الآية محمد صلّى اللّه عليه وسلم كما أجمعت على هذا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فلم يختلف عن ذلك أحد، كما أنهم لم يختلفوا في الإسراء لما فيه جحود صراحة القرآن ومن شك لا حظ له في الإسلام هذا ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وليعلم ان العبودية أفضل من العبادة لأن العبادة تنقضي بالدنيا والعبودية باقية في الدنيا والآخرة، وهي اشرف أوصاف العبد عند العارفين الكاملين، وبها يفتخر المحب عند محبوبه قال:
لا تدعني إلا بيا عبدها ** فإنه أشرف أسمائي

فقال الآخر:
باللّه إن سألوك عني فقل لهم ** عبدي وملك يميني وما أعتقته

وذكر العلماء أن اللّه تعالى لم يعبّر عن أحد بالعبد مضافا إلى ضمير الغيبة المشار به إلى الهوية إلا عن نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلم، وفيه من الإشارة وعلو الشارة ما فيه، ومن تأمل أدنى تأمل بين قوله تعالى: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} الآية من سورة والنجم المارة وبين قوله: {ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ} الآية 120 من المائدة من ج 3 بان له الفرق بين مكانة روح اللّه ومكانة رحمة اللّه، ومن قابل بين قوله سبحان الذي أسرى الآية المارة وبين قوله: {وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا} الآية 142 من سورة الأعراف المارة، ظهر البعد بين مقام الحبيب وبين مقام الكليم، ومن وازن بين هذه الآية وآية {وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ} المارة من سورة الأنعام من ج 2 عرف البون بين مقام ذلك الخليل ومقام هذا الحبيب الجليل.